پانثيون تيماء
مقدمة
تيماء كانت مركزًا تجاريًا و دينيًا مهمًا في شمال الجزيرة العربية و حظيت بأهمية بعدما نقل نبونيد -آخر أباطرة الإمبراطورية البابلية الحديثة- عاصمته إليها في القرن السادس قبل الميلاد. عاش نبونيد فيها عشر سنوات وحكم مساحة شاسعة من الصحراء تمتد من تيماء إلى واحات يثرب. استقر البابليون في هذه الواحات بعد قتالهم و من ثم إبرامهم الصلح مع بعض القبائل العربية. خلال ذلك جلب البابليون الآلهة الآرامية إلى الواحة، كما يشهد نص اللوح الآرامي التالي: "في العام الثاني و العشرين ... في تيماء، صلم محرم و شينجالا و أشيما، آلهة تيماء، إلى صلم هجم... عينه في هذا اليوم في تيماء... لذلك... التي شيدها صلم-شزب بن پيتوسيري، في معبد صلم هجم، لذا آلهة تيماء قدمت ضمانات لصلم-شزب بن پيتوسيري و لذريته في معبد صلم هجم. و أي شخص يدمر هذا النصب فلتنفيه آلهة تيماء و ذريته و اسمه من تيماء. و هذا هو العهد الذي أعطته آلهة تيماء: صلم محرم و شينجالا و أشيما، لصلم هجم... من الحقول 16 نخلة و من كنز الملك 5 نخلات، مجموعها 21 نخلة سنويًا. لا الآلهة و لا الناس سيخرجون صلم-شزب بن پيتوسيري من هذا المعبد، ولا سيخرجون ذريته و اسمه، اللذين سيبقون في هذا المعبد للأبد" - الكاهن صلم-شزب.
النقش يدون كيف إله جديد، صلم هجم، أتى به الكاهن صلم-شزب إلى تيماء، الذي قدم وقفًا للمعبد الجديد، وأسس كهنوتًا وراثيًا. على أحد جوانب اللوح الحجري نرى الإله صلم هجم مصوّر بمظهر آشوري، و تحته كاهن يقف أمام مذبح. إسم الكاهن صلم-شزب و الذي يعني (صلم قد أنجى) أو (صلم أنجاني)، و هو إسم آرامي. أما إسم والده (پيتوسيري) فهو اسم مصري و يعني (الذي أعطاه أوسيري). تيماء كانت على مفترق طرق القوافل بين مصر و الرافدين مما جعلها محطة لكل المسافرين المارين بها. وبالتالي، مثل مدن الواحات والقوافل الأخرى مثل تدمر ، كانت تيماء ذات طابع عالمي. هذا لا يعني بالضرورة أن والده كان مصريًا. لأن الأسماء لا تشير دائمًا إلى العرق، فنحن نعلم أن الآراميين في مصر أعطوا أطفالهم أسماء مصرية وفي العصر اليوناني-الروماني كان العرب في مصر يفعلون ذلك أيضًا.
آلهة
كان صلم محرم كبير آلهة تيماء. كلمة صلم مشابهة للعربية صنم والتي تعني اليوم المعبود أو الأيقونة ولكنها قد تعني أيضًا القوي. تفسير آخر هو أنه مرتبط بالكلمة العربية ظلام و الآشورية ككبو ظلمو أي كوكب زحل. محرم اسم مكان و على الأرجح هو محرمة بالقرب من جبل سلمى، بالقرب من تيماء. الكلمة تعني المكان الذي يحرم فيه القتال و الصيد. سيريل جون جاد C. J. Gadd قارن مكعب تيماء مع ألواح عثر عليها في حرّان تحوي رموز فلكية: نجمة عشتار-الزهرة، القرص المجنح لإله الشمس شمش، و هلال إله القمر سين. إنه في حرّان حيث نجد العديد من الأسماء الثيوفورية التي تحتوي صلمو. ثبت ذكر إله يدعى صلمو في العديد من النقوش الآرامية في أماكن أخرى وفي قوائم الآلهة الآشورية. قد يكون صلم هذا هو نفسه في تيماء حيث نجد أيضًا شعار إله الشمس، القرص المجنح. يظهر في أعلى يسار مكعب تيماء وهو يحوم فوق شكل بشري. وبحسب جاد Gadd فإن الشكل الموجود على مكعب تيماء سيكون صلم هجم الذي تستقبله آلهة تيماء، في حين أن القرص سيكون صلم محرم.
من المرجح أن صلم يمثله مذبح رأس الثور حيث عُثر على مذابح على هيئة رؤوس ثيران بشكل كبير مع نقوش تذكر صلم، مما يشير إلى أن صلم كان إلهًا للقمر. قد يكون هذا هو السبب وراء اهتمام نبونيد بتيماء و نقل عاصمته لها، فقد كان من متبعي إله القمر سين و اختار مدينة كانت مركز عبادة إله القمر. المشكلة هي أن النقوش ذات رؤوس الثيران لا تذكر أي صلم يشار إليه، صلم محرم أم صلم هجم، وأن رؤوس الثيران نفسها بها أقراص شمسية بين قرونها. بغض النظر، حقيقة أن لدينا مصطلحات مثل صلم محرم صلم هجم تشير إلى أن صلم كان إله وصي لبلدة معينة مثل الجم في تدمر. في تدمر كان هناك العديد من الجن الذين عملوا كآلهة وصية على القرى والمستوطنات والمخيمات والبساتين والقبائل. كون أسماء الآلهة على هيئة صلم <اسم مكان> شائع من قبل في شمال الجزيرة العربية جنوبها و كذلك في الآرامية ، وأشهر مثال على ذلك هو النبطي ذو الشرى أي من الشرى. صلم هجم، الذي قُدِّم إلى تيماء في النقش، ربما جاء من الهجم في اليمن. وكان لإله آخر هو صلم من معبد في تيماء. النقوش التي عثر عليها في نجران والأردن تسجل أيضا الإله صلم. عندما شنت تيماء حربًا على ددان أو الأنباط، كان صلم من قاد هذه الحروب. تذكر النقوش نصر لصلم على غرار نصر الله في القرآن. تم العثور على صلم في العديد من الأسماء الثيوفورية مثل صلم دء (صلم قد عرف)، صلم إيل، و صلم شكر.
الإله المذكور الثاني هو شنجالا. مثل صلم، يوجد اسم شنجالا في العديد من الأسماء الثيوفورية مثل سجّلدا أي سجّل هو القاضي أو طب-سجّل أي سجّل هو خير. على مر السنين، كان هناك العديد من التفسيرات لاسم شنجالا. أحد الاقتراحات هو أنه قد يكون مرتبطًا بالإلهة شيجال المذكورة في المصادر السريانية المتأخرة مثل معجم بار بهلول الذي يدعي أنها المعادل الكلداني لأفرودايتي. آخر هو أنه قد يكون مركبًا من اسم إله القمر الأكادي سين وبعض الكلمات الأخرى. ربما تكون الكلمة السومرية جال أي العظيم و بالتالي سين العظيم، أو ربما هي سين ايجالا أي سين ذو القصر، أو سين جلي أي سين الذي يجلي (يكشف). تم تقديم العديد من الاقتراحات الأخرى من قبل علماء مختلفون، لا شيء منهم مرضٍ حقًا. لا تظهر شنجالا أو متغيراتها في أي قائمة من قوائم الآلهة الأكادية. أفضل تفسير لدينا هو أن شنجالا هو مركب من شنجا و إل و يعني الإله العظيم أو إل عظيم. أسماء كهذه غالبًا ما توجد عند الآلهة السامية مثل العموري يكربإل و العبري إل شدّاي. للأسف هذا لا يخبرنا كثيرًا عن طبيعة أو شخصية هذا الإله ولكن من المرجح أن شنجالا كان إله القمر.
لا تظهر أشيما في أي نقوش مسمارية إلا إذا قبلنا تعريفها مع إشوم و هو إله أكادي يعمل كإله وصي، مكلف بحماية المنازل في الليل، وكذلك مرتبطًا بالعديد من آلهة العالم السفلي، و خاصة نِرجَل و شُبُلا. قُرأت أشيما خطاءاً في بادئ الأمر على أنها أشيرا، وهي إلهة أم ظهرت في عدد من المصادر القديمة بما في ذلك النقوش العربية الجنوبية، الأساطير الأوغارتية والكنعانية و التوراة. تم العثور على أشيما في النصوص الآرامية في مصر في الاسم المركب أشيما-بيتإيل أي بيتإيل أشيما. نجد في التوراة ذكرًا لعبادة أشيما من قبل أهل حماة 2 ملوك 17:30. مثل الآلهة السابقة، تظهر أشيما بالأسماء الشخصية الآرامية مثل أشيما-زبد أي أعطت أشيما. أشيما تأتي من الجذر الآرامي أشم أو اسم باللغة العربية. على حد علمنا، أشيما هي إله ، وبذلك تكمل ثالوث الشمس و القمر والزهرة مع أشيما ممثلة الزهرة، و صلم ممثلًا الشمس و شينجالا ممثلًا القمر. تم العثور على ثالوث مماثل في دومت (دومة الجندل)، و هي مدينة قوافل أخرى في شبه الجزيرة العربية. يبدو أن جميع الآلهة التيمائية المذكورة حتى الآن آراميي الأصل و عُبدوا لأول مرة في شمال سوريا قبل وصولهم إلى تيماء.
عندما جعل نبونيد من تيماء موطنًا له، جلب عبادة العديد من الآلهة الأكادية بما في ذلك نابو، إله محو الأمية، و العلوم، والكتابة، والحكمة، وقرينته تشمتو، ومردوخ وصي مدينة بابل، ونانايا إلهة الحب المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بـ إنانا أو عشتار. قد تكون هذه الآلهة قد أثرت أو تحولت إلى آلهة نبطية مذكورة في العصر اليوناني الروماني مثل الكتبي، و قد يكون إله الكتابة مثل نابو، و كذلك اللات و العزى تأثرا بـ نانايا. عشتار إلهة الحب والحرب والخصوبة، مذكورة أيضًا في النقوش المسمارية الموجودة في تيماء وقد ارتبطت طقوسها منذ فترة طويلة بعبادة اللات و العزى، و هن يعتبرن آلهات ڤينوسية (مرتبطات بكوكب الزهرة). سقطت إمبراطوريات بلاد الرافدين في النهاية للإمبراطورية الأخمينية وخلال هذه الفترة نبدأ نسمع عن ما يُعتبر عادةَ آلهة عربية، مع أن الدعاء لهم يكون بالآرامية الإمبراطورية، اللغة الرسمية للمنطقة. استمرت عبادة صلم إلا أننا نبدا نسمع عن آلهة عربية مثل منافو، والمعروفة باسم مناف في المصادر الإسلامية، و المثبت في حوران باسم زيوس منافوس و مذكور حتى في تدمر مع تموز. تظهر الإلهة منوتو، المعروفة باسم مناة، أيضًا في هذه الفترة. تحارب الأنباط و اللحيان على تيماء رغم أن هذا لا يبدو أنه قد أثر على آلهتها.
الفترة البابلية الجديدة
- صلم: إله وصي شمسي مرتبط بقرص الشمس والثور
- شنجالا: من المحتمل أن يكون إله قمري
- أشيما: إلهة ڤينوسية
- نابو: إله الكتابة والحكمة. اسمه يعني "يتنبأ"
- تشمتو: زوجة نابو. اسمها يعني "السيدة التي تسمع".
- مردوخ: إله بابل مرتبط من الناحية التنجيمية بكوكب المشتري
- نانايا: إلهة الحب المرتبطة بالإثارة الجنسية والشهوانية
- عشتار: إلهة الحرب والحب المرتبط بالجمال والجنس والعدالة الإلهية والسلطة السياسية
الفترة الأخمينية
- صلم: استمرت عبادة هذا الإله الوصي الشمسي في هذه الفترة
- مناف: إله يعادل زيوس في حوران
- مناة: إلهة الزمن و القضاء و الثروة و القدر و الموت
راجع أيضًا
مصادر
- Archaeology and epigraphy at Tayma
- The Aramaic pantheon of Tayma’
- The pagan god : popular religion in the Greco-Roman Near East
- Tayma II. Catalogue of the inscriptions discovered in the Saudi-German excavations at Taymāʾ
- Nabonidus the Mad King: A Reconsideration of His Stelas from Harran and Babylon
- A Text-book of North-Semitic Inscriptions: Moabite, Hebrew, Phoenician, Aramaic, Nabataean ...